أظهرت نتائج انتخابات الكنيست، التي جرت أمس، الثلاثاء، أن حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، حقق فوزا كبيرا، وأن معسكر أحزاب اليمين فاز في هذه الانتخابات، بحصوله على أكثر من نصف مقاعد الكنيست، وسيشكل الحكومة المقبلة من دون حاجة لأن يضم إليها حزبا من خارج المعسكر. ولعل مفاجأة هذه الانتخابات ارتفاع تمثيل الكتلتين الحريديتين، شاس و"يهدوت هتوراة" إلى 16 مقعدا.
من الجهة الأخرى، حققت قائمة "كاحول لافان"، برئاسة بيني غانتس، فوزا مشابها لليكود، بحصوله على 35 مقعدا في الكنيست، لكنه لن يتمكن من تشكيل حكومة لأنه ليس مدعومة بكتلة أحزاب قوية من معسكره، بعد انهيار حزب العمل (6 مقاعد) وعبور حزب ميرتس نسبة الحسم بصعوبة (4 مقاعد). ورغم أهمية تمثيل الأحزاب العربية في الكنيست (10 مقاعد)، إلا أنها ليست شريكة في لعبة تشكيل الحكومة.
واعتبر رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، اليوم الأربعاء، أن هذه الانتخابات كانت استفتاء شعبيا على استمرار ولاية نتنياهو في رئاسة الحكومة الإسرائيلية. وأضاف أنه "ستكون لحكومة نتنياهو الجديدة غايتان مركزيتان: إزالة لوائح الاتهام التي تهدد نتنياهو، وضم المستوطنات لإسرائيل بالتنسيق مع إدارة ترامب. وبالإمكان تلحيص هاتان الغايتان بمعادلة بسيطة، ’الحصانة مقابل السيادة’. وقد أشار إلى هذا الاتجاه رئيس (كتلة أحزاب اليمين) الاتحاد القومي، بتسلئيل سموتريتش، الذي كان زعيم اليمين المتطرف في الكنيست والائتلاف الجديد".
وتابع بن أنه مقابل سن قانون يمنع أو يرجي تقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو، "سيضطر نتنياهو إلى تنسيق ’صفقة القرن’ مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بصورة تسمح لإسرائيل بالإعلان عن سيادتها على المستوطنات وضمان عدم إخلاء أي مستوطن. ومن خلال فتات الشائعات التي تسربت من واشنطن حول الخطة، جرى التلميح أن إسرائيل ستتمكن من الاحتفاظ بالمنطقة C، وهي القسم الأكبر من الضفة الغربية وتتواجد فيها جميع المستوطنات، مناطق التدرب على إطلاق النار ومناطق مفتوحة".
وبحسب بن، فإن الفلسطينيين سيعوّضون اقتصاديا، "وإذا رفضوا الخطة، كما هو متوقع، فسيكون سهلا أكثر تأييد ضم إسرائيل ’لمناطق احتلت في حرب دفاعية’، مثلما بررت الإدارة الأميركية اعترافها بضم الجولان. وفي جميع الأحوال، إسرائيل اختارت الدولة الواحدة، وتنازلت عن حل الدولتين على أساس تقاسم البلاد مع دولة فلسطينية".
وتوقع بن أن تسعى الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى القضاء على "الانقلاب القضائي" وتحويل المحكمة العليا من سلطة دورها انتقاد وتقييد الحكم، إلى ذراع إعلامية تمنح دعما قانونيا لقرارات الحكومة، على غرار قرار المحكمة العليا الذي يشرعن خطوات الاحتلال في المناطق منذ العام 1967. وسيتم استيراد هذه السياسة القضائية من المناطق إلى داخل الخط الأخضر".
وأشار بن إلى أن "قانون القومية سيكون الأساس الأيديولوجي لحكومة اليمين الجديدة: تفوق اليهود ومكانة متدنية للمواطنين غير اليهود. ويصعب تخيل الخطوة القادمة في قوانين التمييز، لكن تشكيلة الائتلاف ستضمن قدومها. وربما التصريح بالولاء لإسرائيل كدولة يهودية كشرط للمواطنة، أو للحصول على مخصصات التأمين الوطني".
انهيار اليسار
ورأى بن أن "العبرة التي ينبغي أن يستخلصها اليسار من هزيمته المتكررة، هي أن احتمال عودته إلى الحكم يكمن في التعاون مع المجتمع العربي في إسرائيل، ودفع نموذج مواطنة متساو يحرك الناخبين العرب إلى صناديق الاقتراع. ولا يوجد مخزون ناخبين آخر، بإمكانه أن يشكل أساسا لانقلاب مضاد. وبارتداع غانتس ورفاقه في كاحول لافان عن أي اتصال مع العرب، برروا سياسة اليمين، وتنازلوا أيضا عن البطاقة الوحيدة التي بإمكانها ترجح الكفة لصالحهم".
ورأى المحلل السياسي في القناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية، رافيف دروكر، أن "غانتس تحول أمس إلى مثال لتعبير ’العجلة من الشيطان’. وقد ارتكب رئيس كاحول لافان خطأ عندما ألقى خطاب النصر بهذه السرعة. وهذا الخطأ، الذي ارتكبه كثيرون قبله، يثير التساؤل حول جدوى هذا الهراء".
وأضاف أن "غانتس حقق إنجازا هائلا لقائمته. ورغم أنهم لن يشكلوا الحكومة المقبلة، لكن 35 عضو كنيست هو عدد كبير. ورغم ذلك، ليس واضحا لماذا تعين عليه أن يعلن مرارا وتكرارا أنه انتصر، وأنه سيشكل الحكومة وتقديم الشكر لنتنياهو على خدمته" خلال سنوات ترؤسه الحكومة.
ورجح دروكر أن "استعجال غانتس لإلقاء خطاب نصر نبع من الشعور الذي رافق جزءا من مساء أمس بأنه قد يتطور صراع على الرواية. وفي حال ظهرت نتائج مختلفة قليلا، مثل لو عبر حزب زيهوت برئاسة موشيه فايغلين نسبة الحسم، وتطور نوع من الصراع بين الأحزاب، وعندها كان غانتس ملزما بإظهار وكأنه انتصر. والمشكلة هي أن صراعا كهذا لم يحدث".
التعليقات